نَعى المَجد ناع فَأَبكى السما. وَأَســبــل دَمـعـاً لَهـا عِـنـدَمـا.. قرر الفتى تعليق حذاءه. وسربل مسيرته بمجد كالسما
*البيت الأول للشاعر الأمير بن عبد المؤمن
الحديث عن وليد سليمان مرهق .. هل نبدأ الكلام بلحظة دخوله المستشفى على خلفية رفض وزير البترول الأسبق سامح فهمي انتقاله إلى النادي الأهلي؟، أم بهدفه التاريخي ضد الترجي حاسما دوري الأبطال السابع في تاريخ النادي؟، أم بصناعته الخيالية لهدف أسطوري بتوقيع محمد أبو تريكة زين فوز الأهلي على الزمالك برباعية في النسخة التالية من دوري الأبطال؟.. أم بصناعة هدف الفوز بالكونفدرالية في موسم عانى فيه الأهلي الأمرّين بعد أن بدأ الموسم بقائمة تليق بفرق منتصف الجدول؟.
هل نستهل الحديث عن وليد سليمان من لحظة إنهاء حفل خطبته بعد سماعه يما حدث لجمهور الزمالك في ستاد الدفاع الجوي؟.. أم بأي من عشرات القصص الإنسانية التي تدور في فلك العمل الخيري ومساندة زملاء المهنة؟.
الحديث عن حامل خاتم سليمان مرهق بشدة.. لذلك لا اعتبارات.. لا تحضيرات ولا خطة للكتابة.. فقط نكتب.
المجدد للمنتمين أينما حلّوا وارتحلوا..
يحمل مصطلح الانتماء إلى النادي أو الفريق وقعا رومانسيا على آذان الجماهير، يثبت لهم بأن هناك دائما مكانا للمنتمين. يشير لهم إلى أن هناك على هذا الشاطئ من لم تلتهم الرأسمالية أحشاءهم، ومن لم تدر الأموال رؤوسهم.
لا يمكننا وصف لاعب يسعى لجمع أكبر ثروة ممكنة قبل اعتزاله، بالمذنب أو الخائن - إن كان واضحا في قراره لم يتلاعب بناديه وجماهيره. لكننا يمكننا بملئ أفواهنا أن ننعت من ارتضى إدخال محبة الجماهير ضمن حسابات ثروته بأنه بطل الرواية.
على مسرح التتش، فوق عشبه الأخضر، ظهر بطل روايتنا لأول مرة بعد قصة مشوقة تصلح فيلما سينمائيا مفتخرا تنتهي أحداثه بمشهد يشبه ذلك الذي يعود فيه البطل بعد صراع طويل إلى بلد المحبوب.
ميلودراما انتقال وليد سليمان إلى الأهلي، جعلت الجماهير توقع له عقد محبة طويل الأمد غير مرهون بشرط جزائي. اللاعب الذي حاول الأهلي لفترة طويلة ضمه إلى صفوفه وسط تعنت من ناديه بتروجيت ومن فوقهم وزير البترول الأسبق سامح فهمي، الذي أرغم اللاعب على الانتقال إلى إنبي عوضا عن الأهلي، تعرض لانهيار عصبي نقل على إثره إلى المستشفى، لكن الأمر لم ينته هنا، بل أضرب لاعبنا عن الطعام استمرارا في الضغط على المسئولين من أجل السماح له بتحقيق حلمه بارتداء القميص الأحمر. قصة انتهت بعد عام لعب خلاله مجبرا في إنبي قبل أن تطأ قدماه أرض التيتش حاملا "شنطة الاجوان" في مشهد كان بحاجة لموسيقى عمار الشريعي.
ما تلى ذلك تاريخ يعرفه الجميع:
21 بطولة:
الدوري : 6 مرات
كأس مصر : مرتين
السوبر المصري : 5 مرات
دوري أبطال أفريقيا : 4 مرات
السوبر الأفريقي : 4 مرات
الكونفدرالية : مرة واحدة
بالإضافة إلى برونزيتين في كأس العالم للأندية.
في العام 2016 اختارت صحيفة ميرور الإنجليزي 19 لاعبا حول العالم لقبتهم بـ "ميسي".. في إشارة لتشابه طريقة لعبهم مع الأسطورة العالمية، كان من بينهم نجم الأهلي وليد سليمان. الصحيفة بالتأكيد لم تأت بتقريرها لتقارن أيا من تلك الأسماء بليونيل، لكنها أرادت أن تشير إلى 19 لاعبا حول العالم يقدمون سحرا كرويا من نوع خاص.. أحد هؤلاء السحرة كان يقدم فقراته على مسرح الكرة الأفريقية برداء أحمر.
وفقا للمصادر المتاحة خاض سليمان 371 مباراة بالقميص الأحمر أحرز خلالها 83 هدفا وصنع 56 آخرين. وهو رابع الهدافين التاريخيين للأهلي في أفريقيا برصيد 20 هدفا، إذ يسبقه رئيس النادي الحالي محمود الخطيب (37) وأسطورتا القلعة الحمراء محمد أبو تريكة (32) وعماد متعب (28).
لكن الأرقام كثرت أو قلت ليست هي العنوان الأول لرواية سليمان فبطلنا اختار منذ سطرها الأول أن يكون الانتماء عنوانها وموضوعها.
الأرقام خلقت لتكسر، لكن السيرة الحسنة خير وأبقى.